مساحة للاختلاف

الدكتورة هيام عزمي النجار: هل التفكير يؤثر على حياتنا أم حياتنا التي تؤثر على التفكير؟

التفكير يؤثر على حياتنا وليس العكس، فهناك كثير من الخلافات في الحياة غير ضرورية لأنها نابعة من أفكار غير ضرورية، وإذا تمعنا في معنى التفكير نجد أن الفكر يُمكن التعبيرعنه بأنه حوار الروح مع نفسها، بالفكر يستطيع الإنسان أن يجعل عالمه من الورود أو من الأشواك على حسب تفكيره إيجابي أم سلبي..

فالتفكير من أكثر الأعمال صعوبة لذلك فإن القليلون هم الذين يقومون به، فنحن بأيدينا نسجن أفكارنا وليس الغير..

ولذلك لابد من لفت الإنتباه إلى أن قرارعملية التفكير يأتي أساساً من قرار عملية الإداراك الذي يُعطي أكثر من معنى عن الأشياء وعن الأشخاص، ويُخرجنا من سجن البرمجة السابقة..

فلو كان عندك إدراك واسع للأمور في حياتك، وتقرأ كثيراً وذهنك منفتح على العالم، وتسمع أشرطة سمعية وتحضر برامج وندوات في شتى المجالات، لتُنمي نفسك وتعمل على تزويد ثقافتك في كل شئ حولك، أي لو كان عندك معرفة لزاد عندك الوعي، وهنا يزداد إدراكك لمعرفة كل ما يدور حولك من أحداث ومواقف..

لذا فالإدراك السابق للتفكير هو قرار في غاية الأهمية لأنك لو أدركت الأمور بطريقة إيجابية سوف تُفكر بطريقة إيجابية، لأن الإدراك يُسبب المولد للتفكير، وقرارالتفكير يعتبر من أهم القرارات التي تؤثر على ذهن وحواس وأحاسيس وسلوك ونتائج الإنسان وواقع حياته، لذا لو وقعت في مشكلة ما راجع الفكرة من البداية لأن من المحتمل أن تكون هذه الفكرة هي السبب في وجود المشكلة نفسها..

فأنت أيها الإنسان تستطيع أن تتحكم في إدراكك وتفكيرك وإحساسك وسلوكك ونتائجك وواقع حياتك أنت، وليس غيرك من البشر، فقبل أن تضع الفكرة في ذهنك قيمها جيداً وإسأل نفسك هل هذه الفكرة تُفيدني أم تضرني؟ وما هي نتائجها في تحديد مصيري؟

وبناء على إجابتك – فلو كانت إيجابية ضعها في ذهنك وهي سوف تؤثرعلى تركيزك وإحساسك وسلوكياتك ونتائجك وسوف تعمل لصالح تحقيق أهدافك بالحياة، فالمُفكر عندما يُفكر ويضع الفكرة في ذهنه تنتج عملية التفكير، ولا تنسى أن الله خلق لنا العقل ليكون خادم لنا، وعلينا أن نوجهه ونديره، ولا نجعله هو الذي يديرنا لأننا لو جعلناه يُديرنا سوف يستخدم الملفات العقلية المُخزنة بالذاكرة والبرمجة السابقة التي تُمثل 90% منها سلبي ويعمل ضدنا..

وعلينا نحن كبشر وأفضل مخلوقات عند الله سبحانه وتعالى أن نعمل على تشغيل العقل بما يُفيدنا، فالإنسان المخلوق الوحيد الذي لديه الإدراك والأحلام والأهداف والتخيل والتخطيط والتنفيذ والتقييم، والعقل والفكر، لذا علينا إستغلال وإستخدام كل هذه القدرات الربانية لصالحنا وليس ضدنا..

فالعقل البشري مثل الأرض الخصبة ما تزرعه فيه تحصده من نفس نوع الحصاد الذي زرعته، وتذكر أن الفكرة تتحول إلى كلمة، والكلمة تتحول إلى فعل الذي يتحول إلى عادة التي تتحول إلى شخصية التي تُحدد مصير الإنسان، أي الأساس في كل ذلك حصر الفكرة وتقييمها جيداً، لأن كل فكرة لها طاقة مثلها..

ففكرة الحب لها طاقة الحب، وفكره الكره لها طاقة الكره وهكذا، فلاحظ ما تُفكر فيه لأنه من المحتمل أن يحدث، وستصبح أنت بما تُفكر فيه، لأنك وقتها تقوم بإستدعاء وبإستخدام قوانين العقل الباطن التي منها قانون توارد الخواطر الذي يقول أنك لو فكرت في أي شخص في أي وقت يصل إلى هذا الشخص أنك تُفكر فيه بنفس طاقة الفكرة..

وقانون العودة الذي يقول ما ترسله للعالم يعود عليك من نفس النوع لأنك مصدره الأساسي، أي أن ما يخرج من داخلك مبني على إدراكك وتفكيرك وتركيزك وأحاسيسك وسلوكياتك وإعتقاداتك أنت، فيخرج للعالم الخارجي من حولك بنفس الأفكار التي أرسلتها به، فيعود عليك من نفس النوع ما أرسلته..

وكذلك قانون التوقع والإنجذاب – فما تتوقعه ويكون مصحوب بأحاسيس مشتعلة وإعتقاد قوي ينجذب إليك من نفس النوع، فبدلاً من أن تتوقع الشر والشيئ السيئ – الأفضل أن تتوقع الخير والشيئ الجميل..

ولا تنسى أن الفكرة هي أسرع شيئ يُولد وأسرع شيئ يموت، أي أن الفكرة عندما تأتي لك تكون محتاجة إلى إتجاه يُدعمها فلابد من ملاحظة وإدراك أول فكرة تضعها في ذهنك لأنك يومياً تستقبل فيما لا يقل عن ستون ألف فكرة، وبناء على إستقبالك لأول فكرة وتفكيرك فيها تكون إتجاه باقي الأفكار مثلها لتُدعمها سواء سلبي أو إيجابي..

فالفكرة ليس لها مسافات أو أماكن أو زمن سواء فكرت في فكرة ما من الماضي أو تخيلتها في المستقبل وعشت بها حاضرك، لذلك فقرار التفكير من أهم القرارات التي يتخذها الإنسان في حياته لما لها تأثير على واقع حياته ومصيره، فالظروف لا تتحكم في الإنسان ولا تصنعه، بل الإنسان هو الذي يتحكم في الظروف ويتعامل معها بمرونة تامة ويضعها ويتكيف معها على حسب ما يناسبه. أيها الإنسان لابد أن تُلاحظ ما تُفكر فيه لأنك ستُصبحه.

 

بقلم د. هيام عزمي النجار

خبيرة التنمية البشرية

مدربة قوة الطاقة البشرية

ممارس برمجة لغوية عصبية

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

يسعدنا مشاركاتك

زر الذهاب إلى الأعلى
« Browse the site in your preferred language »